بقلم: خالد أمين
Khaled ameen 5 @ Hot mail. com
قال لي بكل إيمان وثقة إنه لن يتم تنفيذ حكم الإعدام فيه.. وانه سيحصل علي البراءة في جريمة القتل المتهم فيها.. وأن هذه "البدلة الحمراء" التي يرتديها لن تمنعه من استكمال دراسته حتي يحصل علي درجة الدكتوراه.
قلت له لماذا تتحدث بكل هذه الثقة والابتسامة والأمل "يشع" من وجهك هكذا.. وكأن الحكم الصادر من محكمة الجنايات بإعدامك شنقاً لا وجود له؟! فأجابني: أنت تجدني هكذا لسبب بسيط جداً ألا وهو إنني متأكد أنني بريء من هذه الجريمة.. ثم الأهم من هذا كله إيماني بأن الله سبحانه وتعالي سيظهر براءتي.
قلت له ألم تؤثر "البدلة الحمراء" علي إقبالك علي "المذاكرة" ومواصلة دراستك الجامعية علي الرغم من أن تنفيذ حكم الإعدام فيك ينتظر قرار محكمة النقض والتي تقول المؤشرات كلها أنها سترفض طعنك؟!.. لم ينتظر طويلاً للرد علي سؤالي وأجابني: كما قلت لك أنا متأكد أن الله سبحانه وتعالي سيظهر براءتي لذلك أنا متأكد من عدم تنفيذ حكم الإعدام فيَّ.
عرفت بقضية ذلك الشاب وكيف أنه مُصر علي استكمال دراسته داخل السجن علي الرغم من صدور حكم ضده بالإعدام شنقاً في "قضية قتل" من محكمة الجنايات المختصة وكيف أن الإصرار والأمل كانا يملآنه.. توجهت إلي السجن الذي "يمكث" به ذلك الشاب للقائه وإجراء حوار معه وذلك نظراً لطبيعة عملي بجريدة الجمهورية كمتخصص في تغطية أخبار الجريمة.. وصلت إلي السجن وكان معي زميل مصور من الجريدة والتقيت بذلك الشاب وكان ذلك قبل إحدي عشر عاماً تقريباً وأجريت معه الحوار وتم نشره في جريدة الجمهورية وقتها.
روي لي الشاب تفاصيل الجريمة التي تم اتهامه فيها بقتل احد الجيران بمساعدة شخص آخر.. وكيف انه ألقي القبض عليه وهو في السنة الثانية بكلية الآداب وهو الآن نجح في الحصول علي "الليسانس" من داخل السجن وهو مرتدياً "بدلته الحمراء".. روي لي هذا الشاب أيضاً كيف أن إدارة السجن كانت تسهل له إتمام دراسته الجامعية وأداء الامتحانات.. وتسهيل إحضار الكتب والمذكرات و"المحاضرات" التي كان أحد أقاربه يحضرها إليه داخل السجن.. روي هذا الشاب كيف كان "يذاكر" داخل زنزانته علي الضوء الخافت "القادم من الخارج".. روي لي هذا الشاب تفاصيل كثيرة عن تلك الحالة التي كان عليها حتي نجح في الحصول علي درجة "الليسانس".. وكيف انه يفكر.. بل يصر علي البدء في إجراءات الدراسات العليا للحصول علي درجة الماجستير ثم درجة الدكتوراه.
طوال حواري مع هذا الشاب والذي أجريته معه داخل مكتب مأمور السجن كان بالفعل الأمل والإصرار واضحين تماماً في "كلامه" وتعبيرات وجهه.. وكأنه كان يري البراءة "المنتظرة" أمام عينيه.. وكأنه كان يشعر بأن الشهور والسنين التي مرت وستمر عليه داخل الزنزانة ما هي إلا "المسافة" بينه وبين "محطة" البراءة!
أنهيت الحوار مع ذلك الشاب وطوال المسافة من السجن إلي مبني الجريدة أجدني مشدوداً إلي هذا الإصرار والأمل و"الإيمان" الذي شاهدته "بعيني".. واسأل نفسي هل هذا الشاب بريء بالفعل أم أن الحالة التي هو عليها مبعثها الخوف من الإعدام؟!!.. اسأل نفسي أيضاً هل هذا الشاب واثق بالفعل في براءته كما بدا من حديثه والثقة التي ظهر بها أم أن كل هذا ما هو إلا "النافذة الوحيدة" التي يمكن أن يطل من خلالها علي الحياة؟!
تذكرت وأنا اسأل نفسي هذه الأسئلة ما ورد عن سيدنا وحبيبنا ورسولنا محمد صلي الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالي عند حسن ظن عبده به.
مرت الشهور والسنوات.. وذات يوم كنت أجلس أمام "التليفزيون" في المنزل وإذا بي أفاجأ بهذا الشاب ضيفاً علي إحدي القنوات ليتحدث عن هذه المرحلة العصيبة التي مر بها قبل أن يحصل علي حكماً نهائياً من محكمة النقض ببراءته من جريمة القتل التي تم إتهامه فيها!!
نقله عن موقع جريدة الجمهورية عادل صيام
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire