mercredi 26 décembre 2001

جاليتنا في كندا‏..‏ وتمثيل مصري مشرف

جاليتنا في كندا‏..‏ وتمثيل مصري مشرف
بقلم‏:‏ مصطفي سامي

بعد هذه السنوات من العمل والمتابعه الصحفيه لكل ما يجري في كندا من احداث ولانشطه سفارتنا وقنصليتنا المصريه ومكاتبنا المتخصصه في اوتاوا ومونتريال‏,‏ ثم لجهود وانجازات الجاليه المصريه‏,‏ التي يصفها الكنديون بانها الاكثر ثقافه تعليما بين كافه الجاليات العرقيه المهاجره‏,‏ حان الوقت لهذه الكلمه التي ابعث بها الي الاف من الاصدقاء المصريين‏,‏ الذين سمحت ظروف عملي بالاقتراب منهم والتعرف عليهم عن قرب‏..‏ انني اودع المصريين المهاجرين اليوم في اخر مقال اكتبه من كندا‏,‏ قبل عودتي الي الاهرام في القاهره في نهايه هذا الشهر‏,‏ ولكن لانهم اصدقائي‏,‏ فلن اكتفي بكلمات الوداع‏,‏ وسوف اسمح لنفسي لان اتحدث معهم بوضوح وصراحه عن رؤيتي لهم في الغربه او في وطنهم الثاني‏...‏ واجباتهم مثل كافه الجاليات الاخري المهاجره في كندا تجاه وطنهم الام‏,‏ ومسئوليه الحكومه عن ابناء مصر المهاجرين في فتح قنوات من الاتصال الدائم معهم‏,‏ والاستفاده من العلماء والباحثين منهم ومن هذه الخبرات النادره‏.‏
ولان ظروف الهجره والمهاجرين اختلفت جذريا في الاشهر الاربعه الماضيه‏,‏ فسوف انتهز فرصه رساله الوداع لاصدقائي القدامي الذين هاجروا في الماضي عندما كانت فرص العمل سهله‏,‏ وكندا في حاجه لعقول وسواعد جديده لتنميه وبناء البلاد‏,‏ وسوف ارد في هذا المقال الاخير علي عشرات الرسائل التي وصلتني خلال الشهور الماضيه من شباب في مصر قرروا الهجره‏,‏ لكنهم ترددوا بعد الهجوم السياسي والاعلامي علي العرب في الولايات المتحده وكندا‏,‏ وبعد القوانين الجديده ضد الارهاب التي صدرت في البلدين وبلاد اخري في اوروبا علي اثر احداث‏11‏ سبتمبر الماضي‏.‏

سوف احاول ان ارد علي الاسئله التي تشغل الذين يحملون تاشيره الهجره‏,‏ لكنهم يقفون علي عتبه الطائره مترددين‏!‏
‏*‏ هل كندا دوله عنصريه والمسلمون والعرب يعانون اضطهاد الكنديين‏..‏؟
‏*‏ ماهي فرص العمل الان التي تنتظرالمهاجر الجديد‏..‏؟

‏*‏ هل سوق العمل مفتوحه للجميع‏,‏ وماهي التخصصات المطلوبه‏..‏؟
‏*‏ ماهو مستقبل الاسره والابناء في كندا؟‏..‏
كان اختيار مونتريال مقرا لمكتب الاهرام لان نصف المهاجرين المصريين في كندا الذين يقترب عددهم من الخمسين الفا يقيمون في مونتريال‏(‏ العاصمه الثقافيه لكندا‏)‏ المدينه التي تضعها الامم المتحده باستمرار في مقدمه اجمل واكثردول العالم حركه وامنا واقلها تلوثا‏,‏ لكن وجودي في مونتريال‏,‏ لم يمنعني من زياره كل اقاليم كندا‏,‏ للبحث عن المصريين والتعرف عليهم عن قرب‏,‏ والذين هم السوق الاساسيه للاهرام وتصدر الطبعه الدوليه من اجلهم‏,‏ وقد بذلت جهدا كبيرا من اجل ان تصل اليهم الجريده التي تطبع في نيويورك صباح يوم صدورها مثل كافه الصحف الكنديه‏..‏

دون ادني قدر من التحيز‏..‏ الجاليه المصريه في كندا تمثل واحده من افضل الجاليات المصريه في مختلف انحاءالعالم‏,‏ ليس فقط من حيث تفوق اعضائها العلمي علي كافه الجاليات المهاجره‏,‏ ولكن لمشاعر الحب والانتماء لمصر التي لاحظتها خلال اقترابي ومعرفتي للمئات منهم فالغالبيه منهم هاجروا من مصر‏,‏ ولكنهم لم يهجروا وطنهم الحبيب‏,‏ وهو ما يلقي بالعبء وبالمسئوليه علي الاجهزه المصريه التي تتولي شئون الهجره في حكومه مصر‏,‏ فلا يكفي ان نتحدث كل يوم ونصدر تصريحات علي اهميه التعاون مع العلماء المصريين في الخارج‏,‏ وفتح جسور مع الهاجرين المصريين‏,‏ لكن المهم هو اقامه هذه الجسور علي دعائم ثابته من المعرفه الحقيقيه لظروف كندا السياسيه والاقتصاديه‏,‏ ولهؤلاء المهاجرين‏,‏ والتعرف علي تخصصاتهم‏,‏ وبحث وسائل الاستفاده في مصر من هذه العقول النادره طبقا لخطط التنميه ومشاريع الاستثمار في مصر‏...‏ بدون هذه المعرفه سوف تنهار هذه الجسور ويضيع هؤلاء المهاجرون في محيط الطموحات ومشاغل الحياه وسرعه التيارات في وطنهم الجديد‏..‏
والحقيقه اننا لم نبذل الحد الادني من الجهد المطلوب لربط هؤلاء المهاجرين بوطنهم في مصر‏,‏ كما ان هناك تقصيرا شديدا من جانبنا تجاه ابنائنا في كندا‏,‏ اما النماذج المشرفه التي نراها من هؤلاء العلماء والاساتذه المصريين المهاجرين في كندا في محاولتهم للتعاون مع الجامعات ومراكز البحث العلمي في مصر‏,‏ فهي ليست اكثر من جهود فرديه تعتمد في الاساس علي علاقات شخصيه مع اساتذه وعلماء مصريين كانوا زملاء واصدقاء لهم قبل هجرتهم‏,‏ كما ان اصحابها من القله المهمومه بشئون مصر وابنائها‏,‏ ويختلق اصحابها الفرص لخدمه وطنهم باي وسيله كانت‏,‏ لكن وبالرغم من كل ما يقال فللاسف ليس هناك خطه قوميه لاستقبال هؤلاء المهاجرين والتعاون معهم‏.‏
وانا عندما اتحدث عن مد جسور مع هؤلاء المهاجرين‏,‏ فانني اقصد الغالبيه منهم من الحريصين علي الارتباط بمصر‏,‏ ورد الجميل لها والذين يبحثون عن فرصه تحقق لهم رغبتهم في خدمه وطنهم‏,‏ والذين يقضون اجازاتهم في وطنهم‏,‏ ويتابعون انتصاراتها وانجازاتها ومشاكلها ايضا‏,‏ والحريصين علي ان يتحدث ابناؤهم اللغه العربيه‏,‏ ويغرسون فيهم تقاليد واخلاقيات المجتمع المصري‏,‏ لكنني لا اتحدث عن القله من الذين تركوا مصر‏,‏ ونسوا او تناسوا في زحمه تحقيق طموحاتهم انهم مدينون لمصر بكل نجاحهم وانجازاتهم في كندا‏,‏ كما انني لا اقصد من يتسلقون علي هذه الجاليه‏,‏ ويصورون للمسئولين في مصر انهم زعماء الجاليه المصريه في كندا‏,‏ وانهم لديهم الامكانيات الهائله والوسائل التي تعبر عما يدور في ضمائر اعضائها‏!‏

علماؤنا المصريون
والواقع ان السفير السابق في كندا الدكتور محمود فرغل‏(‏ المدير الحالي للمعد الدبلوماسي‏)‏ كان اول من تنبه في اوائل التسعينات الي اهميه العلماء والباحثين المصريين المهاجرين في كندا‏,‏ وقد اتصل باعضاء رابطه العلماء المصريين في الولايات المتحده ونجح بعد جهد شاق في عقد اول اجتماع لاساتذه الجامعات والباحثين المصريين في الولايات المتحده وكندا بالعاصمه اوتاوا في عام‏1995,‏ وكان هذا الاجتماع اول لقاء بين العلماء المصريين في شمال وجنوب القاره الامريكيه‏,‏ وقد انضم علي اثره مجموعه من الباحثين المصريين الكنديين الي رابطه الولايات المتحده وعقدت ثلاثه اجتماعات اخري لهذه الرابطه كان اخرها في القاهره بمبني جريده الاهرام في ديسمبر عام‏2000.‏
العلماء واساتذه الجامعات المصريون في كندا‏,‏ الذين من بينهم نائبان لرئيسي جامعتين وسته عمداء لكليات الهندسه من بين‏29‏ كليه هندسه في كندا‏,‏ والمناصب القياديه في شركات الصناعه الكبري ومراكز البحث العلمي والتكنولوجيا التي يشغلها المصريون‏,‏ هي في الواقع اصدق تعبير عن كفاءه الفرص بين كافه الاجناس العرقيه والالوان والاديان‏,‏ وعلي احترام حقوق الانسان‏,‏ وعلي خضوع الجميع امام القانون‏,‏ وعلي المناخ الديموقراطي الذي لاتجده في دول صناعيه كثيره ممن يتحدث زعماؤها في كل مناسبه وبلا مناسبه عن حقوق الانسان‏,‏ وبينما تحترم حكومه كندا الاختلاف الثقافي بين المهاجرين وتشجع الجاليات علي التعرف ومتابعه انشطه ثقافاتها الاصليه‏,‏ علي اساس ان تعدد الثقافات هو مصدر لثراء المجتمع‏,‏ فان دولا كثيره من بينها الولايات المتحده تسعي الي تذويب جميع السكان في بوتقه الثقافه الاساسيه لدوله الهجره‏.‏

‏11‏ جمعيه مصريه
لكن ابناء مصر في كندا ليس هم فقط العلماء الكبار ومديري مراكز البحث العلمي والعمداء والاساتذه في الجامعات‏,‏ فاذا كان هؤلاء يمثلون بين‏5‏ او‏6%‏ من جمله المهاجرين في كندا والذي يصل عددهم الي المائه الف‏,‏ فهناك اكثر من تسعين الف مصري‏,‏ لا تعلم اجهزه الهجره في مصر عنهم شيئا‏,‏ هم الاطباء والمعلمون في المدارس والمعاهد الكنديه والموظفون في حكومه كندا وحكومات الاقاليم‏,‏ والمهندسون في المصانع والفنيون في المدارس والمعامل‏,‏ واصحاب المصانع الصغيره ومحلات البقاله‏,‏ في المدن الكبري وبائعي وثائق التامين‏,‏ وهؤلاء في تقديري يمثلون اكثر من نصف المهاجرين‏,‏ وينتمي ربع هؤلاء لعضويه‏11‏ جمعيه وناديا مصريا‏,‏ وقد حاول القنصل العام السابق في مونتريال السفير محمد احمد اسماعيل‏(‏ سفيرنا الحالي في سوريا‏)‏ ان يوجد هذه النوادي في جمعيه مصريه واحده‏,‏ وبذل جهدا كبيرا في تحقيق هذا الطموح او هذه المعجزه وفي اوئل عام‏1994‏ بعد وصوله الي مونتريال ببضعه اشهر‏,‏ اجتمع في مكتبه بقنصليتنا العامه رؤساء جميع الجمعيات والنوادي المصريه‏,‏ وكان هذا الاجتماع يمثل حدثا كبيرا‏,‏ كما كان اول لقاء بينهم بالرغم من انهم يقيمون في مدينه واحده‏!‏
استمرت الاجتماعات اول كل خميس من كل شهر‏,‏ لكن طموح القنصل العام الذي كان بالفعل صديقا لكل ابناء الجاليه لم يتحقق‏,‏ فقد انتهت مهمته في مونتريال بعد اربع سنوات‏,‏ وانتهت في نفس الوقت الاجتماعات‏!!‏
السفير تيمور سري حاول في البدايه مع رؤساء الجمعيات استئناف الاجتماعات‏,‏ لكنه لم يجد للاسف حماسا من البعض‏,‏ فساعد الجمعيات المصريه الجاده التي تهدف بالفعل لخدمه الفقراء من ابناء مصر‏,‏ مثل جمعيه ابناء الصعيد للتربيه والتنميه التي ترسل اكثر من مائه الف دولار تبرعات للمدارس المصريه التابعه للجمعيه المنتشره في قري الصعيد‏,‏ والتي تلاميذها من المسلمين والاقباط وجمعيه سان مارك التي تضم خريجي مدرسه سان مارك بالاسكندريه والتي تبعث باجهزه وسيارات لتلاميذ المدرسه المعوقين وغير القادرين علي نفقات الاداره‏,‏ لكن السفير تيمور سري‏(‏ مساعد وزير الخارجيه الحالي لشئون البروتوكول‏)‏ وجه اهتماما خاصا للعلاقات مع حكومه كيبيك من خلال وجوده في مونتريال‏,‏ وقد ساعدته لغته الفرنسيه الراقيه في الارتباط بصداقات مع معظم المسئولين في الاقليم الفرنسي‏(‏ ثاني اهم اقاليم كندا اقتصاديا والقوه الاقتصاديه رقم‏17‏ في العالم‏)‏ وعقدت اول اتفاقيه تعليميه وثقافيه بين مصر وكيبيك خلال عمله قنصلا عاما في مونتريال‏,‏ بما يؤكد ضروره ان يختار المسئولون في وزاره الخارجيه دبلوماسيين علي درجه كافيه من المعرفه بالفرنسيه ليمثلوا مصر في مونتريال التي هي اكبر مدن كيبيك‏.‏
وفي تورونتو كان هناك ناد واحد يضم جميع المصريين هو النادي المصري لكن الوباء الذي اصاب البعض في مصر منذ منتصف السبعينات‏,‏ يبدو انه انتقل من القاهره وبعض المدن المصريه الي تورونتو‏,‏ فمنذ حوالي عشر سنوت انقسم النادي الذي يضم جميع المصريين الي نادي النيل الذي يضم المسلمين‏,‏ والنادي المصري الذي بقي فيه الاقباط ومجموعه من المسلمين الرافضين للتقسيم‏!!‏

المنسيون‏!‏
يبقي بعد ذلك مجموعه من المصريين ممن يصعب حصر اعدادهم بدقه‏,‏ تلتقي بهم بالمصادفه في المطاعم كعمل خدمه‏,‏ وفي فنادق النجوم الثلاثه ونجمتين كمديرين وعمال نظافه وفي محلات البقاله والمقاهي المصريه والعربيه‏,‏ وفي محطات البنزين وشركات رفع الجليد من امام المنازل في الشتاء‏,‏ وفي الافران العربيه‏,‏ وتلتقي بالكثيرين في الجراجات يسجلون السيارات الداخله والخارجه ويغسلون السيارات‏,‏ وهؤلاء هم بضعه الاف لا علاقه لهم بالسفاره اوالقنصليه‏,‏ يعملون في صمت وداب من اجل الحد الادني لحياه كريمه‏,‏ واغلبهم يعيش كانه في مصر‏,‏ فلم يدرسوا لغتي كندا الرسمتين او حتي احداهما‏,‏ ولا يقراون صحيفه كنديه‏,‏ ولا علاقه لهم بالثقافه الكنديه‏,‏ همهم الوحيد هو العمل وباي اجر‏..‏ بعضهم يعمل اكثر من‏12‏ ساعه في اليوم‏,‏ لكنهم قانعون بمصيرهم‏,‏ ولا يحاولون التغيير‏.‏ ماذا اعدت وزارت الهجره السابقه‏,‏ والمسئولون حاليا عن الهجره في الحكومه لربط هؤلاء المصريين بوطنهم‏..‏؟‏!‏ وما هي الجهود التي بذلت للاستفاده ممن لديهم العلم والخبره لخدمه مصر‏..‏؟
الاجابه علي السؤال‏,‏ او علي السؤالين‏,‏ هي انه بذلت محاولات من البعض‏,‏ وخلال السنوات العشر الماضيه التقينا في مونتريال واوتاوا‏,‏ بمسئولين من الجهاز المركزي للاحصاء ووزاره العمل وشئون الهجره‏,‏ ولكن لم يصل الينا شيئ عن نتائج هذه المحاولات وهذه الزيارات‏,‏ بما يؤكد انه ليست هناك ايه خطه لبناء جسور مع هؤلاء المهاجرين‏.‏

رجال الاعمال
كان الوزير المفوض السعيد قاسم‏(‏ الرئيس الحالي لجهاز التمثيل التجاري‏)‏ من اكثر رؤساء المكتب التجاريه الذين عملوا في مونتريال طموحا‏,‏ وقد اسس اول جمعيه مصريه لرجال الاعمال ضمت بعض رجال الاعمال‏,‏ واقام في مونتريال اول معرض للمنتجات المصريه في كندا حقق نجاحا كبيرا‏,‏ وساعد كثيرا من رجال الاعمال الحقيقيين مصريين وكنديين للسفر الي القاهره للاستثمار في مصر‏,‏ وتضاعفت بالفعل وارداتنا المصريه الي كندا بجهوده واخلاصه غير العادي في عمله‏,‏ لكن المشكله ان جمعيه رجال الاعمال التي انشاها السعيد قاسم انفضت بعد عودته الي القاهره‏,‏ وخرج منها مجموعه اقاموا جمعيه رجال اعمال لا تقوم في الواقع بايه اعمال‏!‏

المصريون الاقباط
ليست هناك لدي اي قدر من الحساسيه‏,‏ في تناول العلاقه بين المسلمين والاقباط من ابناء مصر في كندا‏,‏ وعلاقه الاقباط المهاجرين الذين تربطني بالعشرات منهم صداقه حميمه مع وطنهم في مصر‏,‏ فاكثر من‏98%‏ من الاقباط المهاجرين‏,‏ هم مصريون وطنيون ومخلصون لوطنهم الاول‏,‏ وحتي القله القليله من بينهم الذين ينقادون بلا وعي او ادراك ويشاركون في مظاهرات ضد مصر‏,‏ هم مصريون خضعوا بلا وعي ايضا للمرضي بداء الكراهيه الذين يسعون الي اشعال الفتنه بين ابناء الوطن الواحد‏..‏ المشكله ان هناك في مصر من يرسلون بمعلومات غير دقيقه الي الاقباط في كندا بهدف دفع الغضب الي نفوسهم ضد المسلمين وضد الحكومه في مصر‏,‏ وقد كان السفير السابق عادل الصفتي‏(89‏ ‏1993)‏ اول من اهتم بقضيه الاقباط في كندا‏,‏ واول من فتح باب السفاره المصريه في اوتاوا لقادتهم واستمع لمطالبهم‏,‏ ووعدهم بتحقيقها‏,‏ لكن هناك اطرافا اخري غير السفاره والقنصليه المصريه يجب ان يكون لهم دور في اجراء حوار مستمر وبناء‏,‏ وكشف المغالطات التي يرسلها بعض المرضي من مصر الي اقباط كندا والولايات المتحده بهدف اثاره غضبهم‏,‏ فقاده الكنائس في كندا الذين يجري تعيينهم بقرارات من البابا شنوده في القاهره يتحملون المسئوليه في كشف الحقائق‏,‏ ومع الاشاعات المغرضه‏,‏ والاعلام الرسمي في مصر الذي تتفاخر بانه يبث الان عبر القنوات الفضائيه الي مختلف انحاء العالم يجب ان يلعب دورا في الحوار مع كافه المصريين مسلمين واقباطا‏,‏ فالاعلام الناجح ليس فقط اقمارا صناعيه وقنوات فضائيه‏,‏ بل هو الاعلام الذكي الذي يخاطب عقول كافه ابناء الشعب‏,‏ في الداخل والخارج‏,‏ والاعلام الرسمي يجب ان يتلقي من الخارج عن طريق من يمثلونه بامانه نبض المصريين المهاجرين والمغتربين‏.‏

الاجيال الثانيه والثالثه
لكن اهتمامنا بعلمائنا المصريين يكندا‏,‏ يجب الا يشغلنا عن ابناء مصر الذين هاجروا اطفالا مع والديهم‏,‏ والذين ولدوا في كندا‏,‏ ولم يعيشوا تقاليد واخلاقيات وقيم المجتمع المصري‏,‏ واذا كانت اللغه هي وسيله الاتصال والمعرفه في اي مجتمع‏,‏ فمن الضروره ان نوجه اهتماما خاصا الي تعليم هذه الاجيال لغه وتاريخ بلادهم الاصليه حتي نربطهم في المستقبل بمصر‏,‏ وحتي لا يضيعوا منا في محيط وامواج الثقافات الجديده‏,‏ وقد انتبه مجموعه من المصريين من اساتذه الجامعات الذين هاجروا في اوائل السبعينات الي اهميه ان يتعلم ابناؤهم اللغه العربيه حتي تستمر علاقتهم بمصر‏,‏ واسسوا في منتصف السبعينات اول مدرسه لتعليم اللغه العربيه في مونتريال‏,‏ وقد التحق بالمدرسه المصريه اعداد كبيره من الاطفال المصريين والعرب‏,‏ ولان كندا تشجع تعدد الثقافات‏,‏ فقد كانت الحكومه الفيدراليه وحكومه الاقاليم تقدم مساعدات ماليه لهذه المدرسه‏,‏ لكن هذه المساعدات توقفت ابتداء من التسعينات عندما تولي المحافظون الحكم‏,‏ ثم اقدمت جاليات عربيه علي تاسيس مدارس اخري لمنافسه المدرسه المصريه التي كان لها فضل تعليم مئات الاطفال المصريين والعرب‏,‏ وادخلوا تعليم الدين لتشجيع بعض الاسر العربيه علي الحاق ابنائها بهذه المدارس‏,‏ وتحولت رساله تعليم اطفال المهاجرين العرب لغه ابائهم واجدادهم الي نوع من البيزنز والنتيجه ان المدرسه المصريه مهدده الان بالتوقف عن مواصله رسالتها‏,‏ بسبب انخفاض اعداد التلاميذ‏,‏ وقله العائدات التي لم تعد تسمح لها بالاستمرار‏!‏

ووزاره التربيه والتعليم في مصر‏,‏ يجب علي الاقل ان تزود هذه المدارس المصريه التي انتشرت في عده مدن كنديه‏,‏ بالكتب والمطبوعات‏,‏ كما ان واجب ابناء الجاليه المصريه وخاصه القادرين منهم تقديم المساعده لهذه المدارس من اجل ان يظل ابناؤهم مصريين كما هم كنديون‏.‏
وبالرغم من انني لا اريد ان انتقد احدا‏,‏ ولا ان اقارن بين الجاليه المصريه والجاليات الاخري‏,‏ الا ان هناك تقصيرا شديدا من المصريين المهاجرين في حق ابنائهم‏,‏ يقابله اهمال من الاجهزه الرسميه المصريه المسئوله عن الهجره والشباب والثقافه‏,‏ فاعداد قليله من الاجيال الثانيه والثالثه في كندا هي التي تتحدث العربيه‏,‏ واعداد اقل من المصريين يحرصون علي ان يقضي ابناؤهم عطلاتهم الدراسيه في مصر للتعرف علي مجتمع وتاريخ وثقافه ابائهم‏.‏
الجاليه اليهوديه تخصص صندوقا لشباب اليهود يموله رجل اعمال من اثرياء الجاليه‏,‏ ومهمه هذا الصندوق هي الانفاق علي برامج زيارات ابناء الجاليه اليهوديه الي اسرائيل بعد انتهاء دراستهم الثانويه‏,‏ فالطلبه اليهود في كندا لا يلتحقون بالجامعات قبل قضاء عام في اسرائيل ليعيشوا تجربه المجتمع هناك ويدرسون برنامجا مكثفا بالجامعات لتعلم اللغه العبريه ويخضعون للدعايات المغرضه ضد العرب‏,‏ وهو مايفسر تعصب الاجيال الجديده من ابناء الجاليه اليهوديه في كندا ضد الفلسطينيين‏,‏ وانتماء الغالبيه منهم للمنظمات اليهوديه اليمينيه المغاليه في التطرف ضد العرب‏,‏ والجاليه المصريه هي ثاني الجاليات العرقيه المهاجره في كندا من حيث الدخل المرتفع بعد اليهود‏,‏ وكان اولي بالمليونيرات المصريين في كندا وهم كثيرون ان يخصصوا برامج منتظمه لزيارات للاطفال المصريين لوطن ابائهم واجدادهم‏.‏
مجرد ملاحظات اقدمها في نهايه مهمتي التي امتدت لسنوات في كندا كمراسل للاهرام‏,‏ الي كل المهاجرين المصريين‏..‏ بصرف النظر عن مستوي كفاءاتهم العلميه‏,‏ وقدراتهم الماديه‏,‏ وبصرف النظر عن انتماءاتهم العقائديه والدينيه‏,‏ فالدين لله‏,‏ ومصر كانت وسوف تظل وطنا للجميع‏..‏ والمهاجرون المصريون مثل كافه الجاليات الاخري مطالبون بان يقتربوا اكثر من الوطن‏,‏ ويتفهموا قضاياه ومشاكله‏,‏ فمصر تواجه مثل دول اخري تحديات النظام الاعلامي الجديد والعولمه‏,‏ والركود الذي يعصف باقتصاديات العالم‏,‏ والعلماء المصريون في كندا يستطيعون المشاركه في مشروعات البناء والتنميه ونقل التكنولوجيا التي تناسب احتياجاتنا‏,‏ وبالمقابل مطلوب من حكومه الدكتور عاطف عبيد التي يشارك فيها اكثر من استاذ جامعي سابق وثلاثه وزراء من خريجي جامعات كندا ان تضع خطه للاستفاده من هذه العقول النادره وتقديم كل التسهيلات لمن يرغب منهم في رد الجميل لمصر بلا مقابل‏.‏

المهاجرون الجدد
لاتزال كندا في اعتقادي افضل دول العالم لمن يرغب ان يهاجر من وطنه من حيث سهوله ويسر الحياه‏,‏ والاستقرار والامن‏,‏ ولان كندا مجتمع مهاجرين‏,‏ فليس هناك تناقضات او صراعات عنصريه او دينيه‏,‏ والنموذج الكندي في التعايش السلمي والتعاون بين الثقافات والعقائد يندر ان نجد مثلا له في اي دوله في العالم‏.‏
لكن التطورات السياسيه التي شهدها العالم في السنوات العشر الماضيه‏,‏ وانفراد الولايات المتحده بالقوه ومحاوله السيطره علي العالم‏,‏ كما كانت لها بصماتها علي العالم‏,‏ فقد كان لها تاثيرات واضحه علي كندا‏,‏ فالمهاجرون الجدد‏,‏ وباستثناء المليونيرات وكبار رجال الاعمال لم تعد فرص العمل امامهم سهله كما كانت منذ عشرين او ثلاثين عاما‏,‏ كما ان سوق العمل تاثرت ايضا بالتطورات السياسيه والاقتصاديه وبالتقدم في العلوم والتكنولوجيا‏,‏ لقد احتلت الاله مكان العامل‏,‏ وضاقت فرص العمل الا لاصحاب التخصصات الدقيقه التي يحتاج اليها المجتمع الكندي‏.‏

الشهور الاربعه الماضيه‏,‏ شهدت تحولا كبيرا في سوق العمل‏,‏ فكندا مثل دول العالم الاخري تواجه ركودا اقتصاديا يتوقع الاقتصاديون انه سوف يستمر لعامين قادمين علي الاقل‏,‏ ففي شهر نوفمبر الماضي علي سبيل المثال‏,‏ اختفت ثلاثه واربعون الف فرصه عمل نتيجه افلاس كثير من الشركات‏,‏ والاستغناء عن الاف العاملين في شركات كبري تواجه خسائر فادحه‏,‏ وبذلك لم تعد فرص العمل والتقدم متاحه سوي للقله من المهاجرين الجدد من ذوي التخصصات الدقيقه والنادره التي تحتاج اليها الصناعه الكنديه‏.‏
لكن بعد‏11‏ سبتمبر الماضي انتقل وباء الهجوم علي العرب والمسلمين الي كندا عبر الحدود التي تربطها بالولايات المتحده‏,‏ والتي تمتد الي نحو سته الاف كيلو مترا‏,‏ لكن الوباء حوصر بسرعه‏,‏ وكان محدودا في مساحات قليله من تجمعات المهاجرين العرب‏,‏ لكن كان صدي بعض الاحداث القليله التي وقعت ضد المسلمين بفضل الاعلام الامريكي واليهودي في كندا كان مدويا لانها كانت غريبه علي المجتمع الكندي‏,‏ الذي يتساوي فيه الجميع‏,‏ وقد ذهب جان كريتيان رئيس وزراء كندا بنفسه ومعه زعيمه الحزب الديمقراطي الجديد الي المسجد الرئيسي في اوتاوا وامام خمسمائه مسلم اعتذر لهم وادان المعتدين ووجه اوامره للشرطه بالتعامل مع المتطرفين ضد العرب بمنتهي الحزم والشده‏.‏
كندا لم تعد الجنه الموعوده للمهاجرين‏,‏ ولا للكنديين‏,‏ لكنها لاتزال الافضل والاكثر ديموقراطيه واحتراما لحقوق الانسان‏.‏
ودعا لكندا بكل جمالها وسحرها وحتي بشتائها الطويل البارد‏..‏ ووداعا لهذه العلاقات الدافئه التي ربطتني بكثير من المصريين والكنديين‏,‏ والي اللقاء باذن الله في القاهره