lundi 1 mars 2010

حافي مصري يتحدى حظر التطبيع بـ 25 زيارة لإسرائيل

غزة-دنيا الوطن
أثار الكاتب والصحافي المصري حسين سراج حالة من الجدل بين الأوساط الثقافية في مصر والعالم العربي، في ظل الإعلان عن زياراته المتكررة لإسرائيل التي بلغت 25 زيارة، معيداً السجال حول قضية التطبيع الثقافي والإعلامي مع تل أبيب.

وفي حديث خاص مع "العربية.نت"، أكد نائب رئيس تحرير مجلة "أكتوبر" المصرية، رفضه التطبيع مع إسرائيل، مشيراً إلى أن زياراته المتكررة لإسرائيل كانت في إطار عمله الصحافي، إلا انه في الوقت ذاته، طالب بخلق قنوات من "التنوير والمعرفة"، تهدف إلى الاقتراب من الآخر والوقوف على أيدلوجياته ونظرياته في كافة المجالات، خاصة ما يتعلق منها بالعرب.


خفافيش الظلام

سراج أوضح في حديثه الخاص لـ "العربية نت"، انه رغم زياراته المتكررة لإسرائيل طيلة فترة عمله في مجلة أكتوبر (من 1981 وحتى الآن)، إلا انه لم يواجه انتقادات كالتي حرّكها ضده من وصفهم بـ "خفافيش الظلام، الذين يتخذون من نقابة الصحافيين المصرية مقراً لنشر أفكار بالية عفا عليها الزمن".

وأضاف "باتت نقابة الصحافيين المصرية مرتعاً وبوقاً لمن يسعون إلى تسييس العمل النقابي، لتحقيق مآرب ومكاسب انتخابية على حساب المهنة، بغض النظر عن قناعتهم بصحة أو خطأ انتقاداتهم، فالمفترض أن نقابة الصحافيين المصرية نقابة فكر ورأي، ومن المفترض أن تدافع عن حرية الصحافي وحرية تنقله، لا سيما أن الدستور المصري يكفل ذلك".

واستكمالاً لاستعراضه وجهة نظره قال سراج: "جمعني مؤخراً برنامج تلفزيوني مصري بوكيل نقابة الصحافيين المصرية عبد المحسن سلامة، الذي قال "النقابة بصدد وضع تعريف لماهية التطبيع مع إسرائيل خلال الأيام القليلة المقبلة"، الأمر الذي جعل المذيعة تسأله "كيف إذن وجّهتم تهمة التطبيع مع إسرائيل للزميل حسين سراج، وانتم لم تحددوا بعد ماهية هذا التطبيع؟!".


حركة السلام الآن

الضجة التي أثيرت ضد سراج خلال الآونة الأخيرة، جاءت في أعقاب زيارة رئيس حركة "السلام" الإسرائيلية ياريف أوبنهايمر للقاهرة. فخلال تواجد الأخير في العاصمة المصرية، دعت الملحقة الإعلامية للسفارة الإسرائيلية في مصر شانيه كوبر زبيدة عدداً من الصحافيين المصريين للقاء الشخصية الإسرائيلية في منزلها بحي المعادي، وتسرّب الخبر لصحيفة هاآرتس العبرية.

وعند سؤال سراج عن حضور اللقاء رد بالإيجاب، وعن ذلك يقول "اعترفت خلال لقاء تلفزيوني أني أزور إسرائيل منذ عام 1981وحتى الآن، وكتبت في مجلة أكتوبر المصرية عن زياراتي وما أسفرت عنه من تحقيقات ولقاءات صحفية مع مسؤولين إسرائيليين، فبدت على أحد الزملاء (الذي شاركني الحلقة التلفزيونية) علامات الدهشة لما أقول، زاعماً أن نشاطي المهني مخالفاً لقانون نقابة الصحافيين. وبالفعل كتب الزميل مذكرة ورفعها إلى مجلس النقابة، الذي قدمني إلى التحقيق ثم لجنة تأديبية، أصدرت قرارها بمنعي من الكتابة لمدة 3 اشهر في مجلة أكتوبر".


جهاد فرض كفاية

وعاد سراج للحديث عن إشكالية تطبيع العلاقات الثقافية مع إسرائيل، مشيراً إلى أن ما يقوم به ليس تطبيعاً، وإنما نوع من التنوير وأضاف "نحن كعرب في أمس الحاجة إلى معرفة الآخر، سواء كان هذا الآخر صديق أو جار، فالمعرفة قوة، ونحن كعدد محدود من المهتمين بالشؤون الإسرائيلية في مصر نقوم بنوع من أنواع الجهاد، وهو بالنسبة لنا فرض كفاية، وذلك من خلال الحوار مع شخصيات إسرائيلية للتعريف بالمجتمع الإسرائيلي، وأنا شخصياً وبالتعاون مع دار نشر صغيرة في مصر "ابن لقمان"، نقوم بعمل مؤسسي، بمعني أننا نصدر سلسلتين للمعرفة، الأولى تحمل عنوان "كيف يرانا الإسرائيليون"، وتحت هذا العنوان مجموعة من الكتب المترجمة عن العبرية، التي تتناول مصر والعرب من الناحية السياسية، وكان آخر هذه الأعمال كتاب "بين مصر وإسرائيل" للسفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة "دافيد سلطان". أما السلسلة الثانية فهي "المجتمع الإسرائيلي كأنك تراه"، وفيها نتعرض لترجمة الأدب العبري، فالأدب مرآة الأمة، بمعنى أنني كأمريكي أو أوروبي إذا أردت التعرف على مصر، ينبغي أن اقرأ أعمال نجيب محفوظ، وللأسف إسرائيل سبقتنا كثيراً في هذا المضمار، عندما ترجمت جل أعمال الأديب المصري نجيب محفوظ وغيره من الأدباء العرب إلى العبرية".


أسلوب التفافي لوزارة الثقافة

واعترض الصحافي على ما وصفه بالأسلوب "الالتفافي" الذي تتبناه وزارة الثقافة المصرية في ترجمة الكتب الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الوزارة وافقت على ترجمة هذا النوع من الكتب ولكن عن طريق لغة أخرى "وسيطة" كالفرنسية أو الإنكليزية، ووفقاً لأبسط قواعد الترجمة المتعارف عليها بين جمهور المثقفين، فالترجمة من اللغة الأصلية للعمل "اللغة الأم" تنقص من جوهر العمل خاصة الأدبي، فما بالنا بالترجمة عبر لغة وسيطة، مما يؤكد أن عدم صلاحية أسلوب وزارة الثقافة المصرية في التعامل مع قضية ترجمة الأدب العبري.

ويضيف "المعرفة في حد ذاتها قوة، لقد هُزم العرب في حرب 67 بسبب جهلهم بإسرائيل، وكان النصر حليفنا في السادس من أكتوبر عام 73 عندما عرفنا أن عيد الغفران "يوم كيبور" عيد مقدس عند اليهود، تصاب فيه إسرائيل بحالة من الشلل التام في ابسط تفاصيل حياتها اليومية، فحددت القيادة السياسية والعسكرية المصرية هذا اليوم لتعلن فيه الحرب على إسرائيل، فالمعرفة بالآخر أعطتنا مفتاح سر العدو وطريقة التغلب عليه في ميدان القتال".


تطبيع سري

ويرفض سراج ما يسميه "التطبيع السري"، معترفاً "زرت إسرائيل 25 مرة، لكنني في الوقت نفسه حريص على عدم التطبيع معها، فالزيارات تتم في إطار العمل المهني، وقد يقول قائل إن هناك قرارات من نقابة الصحافيين المصرية تقضي بحظر التطبيع المهني والشخصي والنقابي مع الدولة العبرية، إلا أنني أرى أن معنى حظر التطبيع المهني هنا يُقصد به ألا أكون مراسلاً لصحيفة إسرائيلية، أو أقوم بالكتابة فيها، وأحب أن أشير هنا إلى إنني تلقيت عرضاً من إسرائيل بالكتابة في صحيفة هاآرتس، بعد ترجمتي للرواية الإسرائيلية "ياسمين"، ولكنني رفضت ذلك رفضاً باتاً، أما التطبيع الشخصي فيكون بتبادل الزيارات بيني وبين الإسرائيليين وهذا ارفضه أيضاً، كما أن التطبيع النقابي فيُقصد به تبادل الزيارات بين أعضاء مجلس نقابة الصحفيين وأعضاء رابطة الصحفيين الإسرائيليين وهذا لا يحدث". ويتساءل "أين التطبيع الذي تم التحقيق معي وتحويلي إلى لجنة تأديب ومنعي من الكتابة لمدة ثلاثة اشهر على خلفيته؟ انه قرار ظالم ومجحف".


ازدواجية المعايير

وأبدى سراج دهشتة من "ازدواجية المعايير" بين ما يحدث على ارض الواقع، وبين ما تثيره بعض الأبواق المكيافيلية، على خلفية قضية التقارب المعرفي مع الآخر، مشيراً في هذا الصدد إلى أن وزارة الثقافة المصرية تسمح كل عام لعدد ليس بالقليل من المثقفين والكتاب والصحافيين والأكاديميين الإسرائيليين بزيارة معرض القاهرة الدولي للكتاب، مشيراً إلى أن هذا ليس عيباً فالإسرائيليين منفتحون ومطلعون على ثقافتنا، إلا أن هناك البعض ممن توقف بهم الزمن عند أربعين عاماً مضت، يصرون على مواقفهم الجامدة التي عفا عليها الزمن ولا تتسق مع الواقع الجديد الذي تشهده الحركة الثقافية العالمية، كما أن الوزارة ذاتها سمحت لقائد الاوركسترا الإسرائيلي الشهير "دانييل بارن بويم" بقيادة الاوركسترا في دار الأوبرا المصرية، فضلاً عن أن الأخير ما زال يعزف أعماله الموسيقية حتى الوقت الراهن في قطر.


لا وطن للفن والأدب

سراج أعرب عن قناعته بأنه لا وطن للفن أو الأدب، ومن حق كل مصري وعربي قراءة الأدب العبري، ليتعرف على هذا المجتمع، وان يشاهد الأفلام الإسرائيلية، فالإسرائيليون عرضوا فيلم "زيارة الفرقة الموسيقية" الإسرائيلي في احد فنادق القاهرة، ولكنني مع عرض هذا الفيلم في دور العرض المصرية والعربية أيضاً حتى يتم التعرف على إسرائيل، فمن غير المعقول أن فيلماً إسرائيلياً مثل "فالس مع بشير" وهو من أروع الأفلام السينمائية، وفيلم "عجمي" المرشح لجائزة الاوسكار لا يراهما المثقف العربي، في حين أن إسرائيل تقوم بعرض الأفلام العربية والمصرية، خاصة في التليفزيون الإسرائيلي، فكل يوم جمعة من كل أسبوع يُعرض فيلم مصري على التليفزيون الإسرائيلي، فضلاً عن بيع الأفلام المصرية والعربية في سوق "الكرميل" الشهير بإسرائيل.

يذكر أن الكاتب والصحافي المصري ترجم عدداً ليس بالقليل من الكتب الإسرائيلية منها على سبيل المثال مذكرات وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي ديان، ونشرها في مجلة أكتوبر، كما عرض العديد من الكتب الإسرائيلية في بعض الصحف العربية مثل كتاب "الحصار حول رئيس الوزراء"، وكتاب "اليوم الذي قُتل فيه السادات"، بالإضافة إلى "مذكرات زوجة أول سفير إسرائيلي في القاهرة "الياهو بن اليسار"، وكانت تحت عنوان "شق البحر الأحمر"، فضلاً عن ترجمته لرواية "ياسمين" للأديب الإسرائيلي عراقي الأصل "ايلي عامير"، ونشر بعض فصولها في مجلة أكتوبر.

نقله عن دنيا الوطن عادل صيام

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire